اللواء بامشموس: الواقع المروري بوتقة حياة المجتمع وصراعاته الإجتماعية

الاثنين, 17 نوفمبر 2025

Post Image

العقيد خليل المعافري

 



 قال مدير عام شرطة السير إن واقعنا المروري كارثي بما تعنيه الكلمة من معاني ومدلولات وبكل المعايير، فالمخالفات المرورية  متكررة الحدوث ،و حوادث السير في تصاعد مستمر، وفواتيرها البشرية والمادية مكلفة ، وآثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية متفاقمة، والزحمة المرورية واردة في عواصم المحافظات. 

وأكد اللواء بامشموس في حديث صحفي للإعلام الأمني أن جهاز شرطة السير ورجال المرور بالمحافظات المحررة يبذلون اقصى جهودهم و قدراتهم وخبرتهم في سبيل حماية الأرواح والممتلكات؛ ومواجهة الاشكاليات المرورية ميدانياً بهدف معالجة أسبابها وتداعياتها والحد من كوارثها؛ والحفاظ على انسيابية الحركة وسلاستها؛ وضبط المخالفات المرورية كما أن الجهود تمتد إداريا عبر إصدار وثائق قيادة المركبات وتسييرها على الخطوط وفقا القوانين واللوائح. 

مشيدا بالجهود العظيمة والتضحيات الكبيرة التي يبذلها رجال شرطة السير  في سبيل رسالتهم الانسانية وأداء مسؤوليتهم الاجتماعي وواجبهم الوطني  بكل شجاعة واقتدار واخلاص وتفاني في ظل الأوضاع الصعبة غير ابهين بالتحديات متخطين المعضلات الجمة التي تعيق وتعقد بيئة العمل. 

وأكد اللواء بامشموس أن تلك الجهود تكللت بضبط 7،692 مخالفة مرورية خلال أكتوبر المنصرم، فيما تم ضبط 39،281 مخالفة مرورية مختلفة خلال الفصل الثالث من العام الجاري 2025 م، و 46،267 مخالفة خلال النصف الأول من العام من نفس العام ليصل إجمالي المخالفات المضبوطة  منذ مطلع العام الجاري حتى نهاية أكتوبر 93،240 مخالفة مرورية. 

مشيرا إلى ان  حوادث السير وكوارث الطرقات تشهد تصاعدا مخيفا توثقها الأرقام والاحصائيات الصادرة عن فروع شرطة السير التي رصدت مستوى هذا التفاقم خاصة على الخطوط الطويلة من حيث الكم والكيف، حيث رصدت وقوع  349 حادثة سير  خلال شهر أكتوبر المنصرم، و 1223 حادثة خلال الفصل الثالث من العام الجاري، و 2285 حادثة مرورية في مختلف طرق المناطق والمحافظات المحررة خلال النصف الأول من هذا العام. 

واوضح مدير عام شرطة السير إن المجتمع يدفع فاتورة بشرية ومادية مكلفة تتضاعف معها الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وبرغم الاحصائيات الصادمة نعجز عن تقديرها والتعبير عن مكنونها الوجداني والشعوري، فقد توفي 64 شخصا؛وأصيب  295 آخرين؛ في حوادث مرورية مأساوية خلال شهر أكتوبر المنصرم وبلغت الخسائر المادية 148 مليون،  مشيراً الى أن  حوادث السير خلال الفصل الثالث من العام الجاري اودت بحياة 192 شخصا؛ فيما أصيب جراءها 1201 آخرين؛ وبلغت خسائرها المادية مليار و 428 مليون و378ألف ريال،  فيما أسفرت حوادث السير خلال النصف الأول من العام الجاري عن وفاة 323 شخصا؛ وإصابة 2106 آخرين؛ وبلغت خسائرها المادية 1،927،963،000 ريال، مبينناً أن الحوادث المرورية خلال الفترة من 2020م-2024م اودت بحياة 2،164 شخصاً واصابة 11،938 أخرين؛ فيما بلغت خسائرها المادية 9 مليار و 621 مليون، و 648 ألف و131 ريال. 

وحول جسامة الحوادث المرورية ذكر بامشموس  أن 12 حادثة مرورية وقعت خلال العام الجاري اودت وحدها بحياة 85 شخصا واصابة 50 آخرين بلغت خسائرها المادية 297 مليون و400 ألف ريال؛حيث كانت هي الأعنف والافظع بين حوادث مرور العام من ضمنها 3 حوادث ثمثل كوارث الدراجات النارية توفي فيها 11 شخصاً حادثين منها وقعت بمحافظة تعز وأخرى بشبوة، وكانت السرعة هي العامل المشترك في حدوثها مع فضاعت وحجم فواتيرها البشرية والمادية.
 
مضيفا أن العام الجاري  شهدت تصاعد ملحوظا في حوادث السير التي تخللها اشتعال النار كنتيجة واضحة المعالم لافرازات مخالفات قوانين المرور وقواعده التي تحظر حمل المواد الخطرة  والقابلة للاشتعال على وسائل النقل والمركبات العامة والنقل، بالاضافة إلى عمليات تغيير وتحويل أنواع الوقود بطريقة عشوائية ومخالفة لقوانين وشروط عملية التحويل ودون الرجوع للجهات المختصة للحصول على تصريح مسبق منها، ولعل من أبرز تلك الحوادث حادثة باص النقل الجماعي بنقيل العرقوب والآخرى حادثة بن معيلي بخط صافر وهما الاكثر في مستوى الخسائر البشرية وكذا حادثتي الوديعة والمهرة بالنسبة للحريق والخسائر المادية وشهدت محافظات شبوة ولحج وحضرموت وأبين والمهرة بقية الحوادث من هذا النوع. 

و تطرق اللواء بامشموس في حديثه إلى الصورة الواضحة للعوامل الطبيعة في الواقع المروري خلال العام الجاري 2025 م المتمثلة بسيول الأمطار وجرفها وتخريبها لشبكة الطرقات ووسائل المواصلات، وتأثيرها البالغ على الحياة والحركة المرورية، مصحوبة بصور موثقة لمغامرات وتهور واستخفاف  عدد من سائقي المركبات بالأرواح والممتلكات وتحذيرات ورسائل التوعية العامة والمرورية وشروط السلامة وتجاوز قواعد وآداب المرور،الأمر الذي  وقف خلف مجموعة من الحوادث والخسائر البشرية والمادية. 

وفي سياق حديثه قال اللواء بامشموس أن من أبرز أسباب الحوادث المرورية المباشرة عموما تجاوز قواعد قوانين وآداب المرور، وتجاوز السرعة الآمنة والذي  يبرز عامل مشترك في مختلف الحوادث المرورية؛ والتي تشكل سببا رئيسيا في أغلبها ومساعد في الأخرى بالإضافة الى تجاوز الحمولة المسموحة والمواد المحظورة، والتجاوزات الخاطئة والخطرة وعكس المسارات والإشارات، وتجاوز محددات شخصية وخصائص قيادة المركبة من عمر وقدرة وسلامة نفسية وبدنية وخبرة كما أن إهمال الصيانة وتجاهل مستوى جاهزية المركبة الفنية والميكانيكية، الاعطاب والأعطال الفنية والتقنية والميكانيكية 
، القيادة بإهمال ورعونة والانشغال بغير الطريق كان من الأسباب المؤدية لوقوع الحوادث، وأسباب اخرى منها عدم تقدير المخاطر وغياب الشعور بالمسؤولية نحو المصلحة المحمية وخاصة الأرواح والممتلكات، وإهمال وسائل السلامة والأمان، تجاهل مخالفة معايير ومقاييس الجودة وشروط التحويل والتغيير المخالف لنوع الوقود وتحويل المقود، السهر والتعب والإرهاق وسوء التقدير للصلاحية الفنية والتقنية للمركبة وطبيعة الطريق ومفاجآتها، المغامرة والرعونة وجهل أو تجاهل القواعد والقوانين، شبكة الطرقات المتهالكة وعدم صلاحيتها الفنية والتقنية وغياب وسائل الإرشاد والإيضاح واشارات وارشادات المرور وتدني مستويات الإضاءة والعيوب الفنية والتقنية.
موضحا أن الأسباب التي تقف خلف الحوادث المرورية  تتكالب وتتراكم وتتعدد مصادرها وتتوزع بين عوامل المنظومة المرورية وعناصرها الرئيسية، العنصر البشري والطريق والمركبات…لكن يعد الإنسان هو المسؤول الأول والأخير عن حدوثها وعدم تلافيها بصورة مباشرة كقائد وسائق للمركبة  أو غير مباشر تقصير وفساد وظيفي أو مهني أو دور إجتماعي أو مخالفة المقاييس والمعايير  ونحوها من المسؤوليات المتعلقة بشبكة الطرقات ووسائل المواصلات وشروط السلامة والجودة،  وأن تنصل الجميع عن المسؤولية وتبادل الاتهامات، ومحاولة كل طرف تحميل الآخر المسؤولية، مع تعدد وتداخل مهام الجهات المتخصصة وذات العلاقة بالمنظومة المرورية وبنيتها وعناصرها يزيد الطين بلة ويعزز بروز الواقع المتفاقم ..فيظل الإنسان هو المسؤول والضحية عما يحدث على الطرقات من كوارث ومآسي إنسانية. 
واستطرد القول: أن القضية المرورية، مشكلة اجتماعية معقدة للغاية لارتباطها بشبكة من علاقات التأثير والتأثر المتجذرة بعمق اجتماعي ثقافي  تاريخي بين المنظومة  المرورية ونظم المجتمع  السائدة بنيته المادية والمعنوية  والحياة الاجتماعية وأنساقها السياسية والاقتصادية والثقافية ، وتحكم الوعي العام والمروري الفردي والجمعي الممتد  في  رسم  معالمها وواقعها وانعكاسه على تفاصيل ومفاصل دورة حياتها وعوامل وعناصر بنيتها وأسباب وجودها واتجاه مسارها…والواقع العام يلقي بظله ويرسم واقع الحياة المرورية وفق  سلسلة من العوامل المباشرة والمتراكمة المتغلغلة في أعماق البنية والنظم والأنساق والوظائف والأدوار الإجتماعية ومحددات السلوك كل السلوك والذي يعد السلوك المروري إحدى حلقاته، المرتبطة بمستوى الوعي والمعرفة وانتشار الجهل والأمية وفساد القيم وانحراف المعتقدات، ووثيقة الصلة بنتاجها المادي والمعنوي عبر اتخاذ قرارات متسلسلة في مختلف المجالات و الاصعدة…وسلوك الأفراد والجماعات التي تتشابك وتتشارك وتؤثر وتتأثر بحوادث ووقائع مجريات الحياة الاجتماعية في سلسلة مترابطة الحلقات تتجسد وتبرز في الواقع المروري بشكل جلي باعتباره الحلقة الأضعف والأكثر تأثرا بالمجتمع والاوضح تعبيرا عن تأثير وتأثر عناصرها و جسامة وفظاعة خسائرها البشرية والمادية وعموم وشمولية آثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية كبوتقة تصب فيها  آثار مجريات الحياة الإجتماعية. 

وبين مدير عام شرطة السير بأن القضية المرورية قضية مجتمعية تسهم كافة مكونات المجتمع وشرائحه وعناصره في تحديد مسارها وترسم معالم وواقعها بطبيعة مسلكهم وتعاملهم مع ضوابط  استخدام شبكة  الطرق ووسائل المواصلات و أداء وظائفهم الاجتماعية والمهنية الوطنية والانسانية  عموما و المرتبطة بالمنظومة المرورية وعناصرها الأساسية البشرية والمادية والحياة والواقع المروري خصوصا ،وعيا وفكرا ومعرفة وثقافة، وما ينبثق عنه من أثر تنظيمي ومادي عبر إنشاء وتحديث وتطوير منظومة تشريعية  وتنظيمية متكاملة مزودة بأجهزة رقابة وضبط ومحاسبة مدعومة  بوسائل وأدوات وتقنيات و موارد وإمكانيات مالية ومادية، و كوادر وكفاءات بشرية  متخصصة… وسلوك مؤسسي منظم مضبوط  بمعايير ومقاييس محكوم بشروط الجودة والسلامة والأمان وحسن الأداء، من خلال تفعيل دور الرقابة والإشراف والمحاسبة لمختلف عمليات تنفيذ برامج  تخطيط ومشاريع إنشاء وصيانة وحماية شبكة الطرق وتحديثها وتطويرها، و استيراد وتسير وقيادة  المركبات من حيث الكم والكيف طبقا للمواصفات واستخدامها وفقا للقوانين واللوائح  وبما يحقق الاستخدام الأمثل للطريق والوسائل وسلامة… 

مضيفا انه و في إطار المعالجات يتطلب الأمر إرادة وطنية وقرار شجاع وجهود جبارة لفرض النظام وإنفاذ سيادة القانون والمحاسبة والمساءلة وتحمل مسؤولية التقصير والفساد في التعامل مع المعايير والمقاييس والجودة لشبكة الطرق ووسائل النقل وتسيير المركبات ،وتعزيز تضافر الجهود الرسمية والمدنية في نشر الوعي والثقافة العامة والمرورية  ،و تحديث وتطوير المنظومة التشريعية والقانونية  ؛ تعزيز مستوى الوعي والثقافة العامة والمرورية؛ بناء وتعزيز الشعور بروح المسؤولية الوطنية ؛ تفعيل مبادئ الثواب والعقاب؛ الالتزام بالمعايير والمقاييس لشبكة الطرق ووسائل المواصلات من قبل الجهات والصناديق المعنية؛ تفعيل دور ووظائف مؤسسات المجتمع الرسمية والمدنية  التثقيفي والرقابي،؛تعزيز وسائل وأدوات الضبط والرقابة المرورية وتوطين التكنولوجيا والتقنية منها، تعزيز ودعم جهاز شرطة السير بالكوادر والوسائل والإمكانيات والقدرات. 
داعيا مؤسسات ومنظمات وأنساق المجتمع المختلفة إلى  تفعيل الأدوار والوظائف والمسؤوليات المنوطة بها لمعالجة الوضع المروري المتفاقم واستشعار مسؤولياتها وواجباتها في تنفيذ مشاريعها وبرامجها وأنشطتها الاجتماعية والوطنية وذات الأبعاد المرورية  وفقا للقوانين والقواعد والالتزام بضوابط مقاييس ومعايير ومواصفات حسن الأداء والجودة الشاملة.

كما جدد الدعوة لكافة مستخدمي الطريق من سائقين ومشاة الى الالتزام بقانون المرور وقواعد السلامة وعدم الاستهتار بها حفاظاً على حياتهم وحياة الآخرين.