الثلاثاء, 31 ديسمبر 2024
العقيد خليل المعافري
بقلم العقيد/ خليل المعافري
رغم الاجماع نحو اعتبارالإرهاب ظاهرة إجرامية حرمتها الأديان وجرمتها الأمم والشعوب في قواميسها وقوانينها.
ظاهرة يرفضها الإنسان السوي نفسيا والسليم عقليا والمتزن اجتماعيا، والملتزم عقائديا، كما يرفضها المجتمع المحلي والوطني إجماعا وإجمالا في انساقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية والثقافية والعلمية والتربوية والدفاعية والامنية.
ورغم رفض المجتمع الدولي والانساني للسلوك الإرهابي
جملة وتفصيلا، أهدافا وسياسة ووسيلة، نتائج ودوافع، فلا مبرر ولا مصوغ شرعي او قانوني او أخلاقي يجيز الإرهاب بكافة أشكاله ودروبه.
ورغم اتفاق الجميع على أن الإرهاب سلوك مشين محرم ومجرم يعتمد على العنف ونشر الرعب والخوف في المجتمعات، ينتهك الحرمات والحقوق والحريات، يستبيح الدماء، ويزهق الأرواح، ويولد المأسي، ويخلد الدمار، وينشر الخراب،يهلك النسل والحرث، ويزعزع الأمن والاستقرار،ينشر الجهل و الفقر والمرض،يدمر الاقتصاد و الموارد، ويبدد القدرات والطاقات ،يستنزف الثروات، ويقوض التنمية،ويهدد السيادة واستقلال الدول والانظمة ، ويشعل الحروب بين الامم والشعوب.
وإدراك الجميع بأنه يقف خلف الإرهاب و يشكله هو التعصب والتطرف والغلو،فيتجاوز كل الحدود والقيم والأخلاق، لهثا خلف فرض أجندة، وتحقيق مصالح غير مشروعة، وتفريغ طاقات ومشاعر مكبوتة، تحركه أيادي الانتقام والأحقاد والانانية ومطامع سلطوية دنيوية.
هل فشل العالم في المعركة؟
رغم استنفار الأمم والدول والشعوب فرادى وجماعات قواها وحشدت إمكانياتها وقدراتها، سنت تشريعات وقوانين تحرم وتجرم تلك الظاهرة والسلوكيات وتشرع حربها ، بعد أن عقدت مؤتمرات وخصصت ندوات ولقاءات ومباحثات طويلة للحشد والتأيد لتلك الحروب ، وخصصت دراسات وأبحاث ومراكز ومنظمات ومؤسسات للبحث والتحليل ، وفرغت لجان علماء وفلاسفة سياسين واقتصاديين ومبدعين ومهتمين ومحترفين لتشخيص وبحث ودراسة الظاهرة مفهومها وأبعادها وأسبابها وعلاجها، وصاغت قواعد ومبادئ وقوانين، ووقعت مذكرات،و أبرمت معاهدات و بروتوكولات واتفاقيات تستوجب التحريم والتجريم وتفرض العقوبات والمشاركة في التوعية والمكافحة والحرب.
هل فشلت المعركة؟
رغم إن الأمم والشعوب تفرغت لمواجهة الظاهرة الإرهابية ورسمت الخطط والاستراتيجيات واعدت البرامج والمشاريع ، واستحضرت تراثها وعلومها وفنون قواتها وأسلحتها وأعلنت تدشين استراتيجية في مسارات متعددة متكاملة متناغمة متضامنة شاملة في المجالات ( الوقاية، و الحماية، و القمع، والمكافحة، و الحرب العسكري والاقتصادي، والسياسي والثقافي ، والمسار التكنولوجي، والإعلامي ) تطلب الامر رسم برامج، و إعداد العدة والسلاح والقوى المادية والفكرية، وتجهز وتدريب الجيوش، وتخصيص الميزانيات الكبيرة والطائلة قبل أعلان المعركة والحرب على الإرهاب..
هل فشل العالم في حرب ومكافحة الإرهاب رغم كافة تلك الإجراءات والجهود؟
يقول ويؤكد الواقع ويشير إلى توسع رقعة وساحة المعركة ومدى الحرب،فيتسع معها الإرهاب ينمو ويترعرع،و تشده قوى الارهاب، و تتسع دائرة العنف تنتشر الظاهرة.
ما تنتهي بؤرة للارهاب إلا وبرزت بؤرأخرى، وظهرت المستنقعات الدموية واتسعت مع ارتفاع دوي الحروب وصخب المعارك،تبتكر وسائل وقوى التدمير مع ارتفاع ثمن فاتورة الحرب البشرية والمادية تتوسع دوائر العنف… تتوسع وتشتد العلاقة الطردية بين الحرب في اطار مكافحة الإرهاب وظاهرة الإرهاب.
فما السر وما العلة في ذلك الارتباط ؟
هل أخفقت البشرية في مواجهة الإرهاب، ولماذا، وكيف، وما العلاج الناجع للظاهرة؟
يقال إذا كانت معركة العالم بدوله ومؤسساته وتحالفاته قد أخفقت في مواجهة ظاهرة الإرهاب بالفعل حقيقة او مجاز ، اوليست جرائم الإرهاب اليوم مستفحلة في واقع اختلط فيه الحابل بالنابل، فبراكين الألم تتفجر، ومستنقعات العنف تتوسع، ووحل الجثامين ورائحة الدم تتربع وتطغى على الساحة، سماء العصر ملبدة بدخان المحارق وقطرات الدماء، وتجوب العواصف بأشلاء الضحايا وتتراكم في الانحاء،ترسو الجثامين على ردهات وشواطئ الزمان وتحت الركام على الطرقات في المدارس والمساكن.
لقد استحوذت روح العنف والتطرف والإرهاب عالم التكنولوجيا ووسائط الاتصال والتواصل الاجتماعي، صورة الحقيقة ينكرها ويعجز عن تصورها الخيال،الحقيقة أفضع لا ضروب الخيال، تعكسها مرايا الفضاء لم يستوعبها البشر…
كل ذلك كان بفضل الانحراف عن الإنسانية عن قيمها العليا ومبادئها السامية (العدل والحق والحرية، السلام والتسامح والمساواة الموضوعية الحياد).
الانحناء والإستسلام والخضوع للقيم المادية والأمراض الإجتماعية، للتعصب الأعمى، الانحراف في الفكر والمعتقدات، وعقد الايدليوجيات وسماتها، التمييز العنصري، التضليل الاعلامي، والانحياز والظلم.
إنها المعايير المادية والانحراف عن المبادئ والقييم، إنها ثقافة التصنيف الاجتماعية والتفضيل للإنتماءات الطائفية والعرقية، والتحيز للذات والجماعات الاجتماعية والمصالح (السياسية،والاقتصادية) في اطار الصراع والهيمنة وغياب والتنافس.
إنها الخلافات في الساحة السياسية والاقتصادية الدولية، والكيل بمكايل مختلفة، انفصام في القواميس و المعايير الدولية وتفسيرها،و تناقض المصطلحات والمفاهيم المغلوطة والمضللة والمطاطة حاملات الاوجه،وتبعية التعامل مع القضايا والابعاد والجرائم في ساحة ومساحة العلاقات بين الدول والجماعات في إطار الصراع بالاعتماد على الأحكام المسبقة واستراتيجية المواجهة المباشرة بالقوة الاجبارية والقهرالمادي وسيادة المصالح والاجندة الايدلويوجية، تغليب القمع والتنكيل والانتقام وفرض القوة المادية على الحوار والاقناع.
تغليب صوت المشاعر العاطفية والوجدان و الذاتية على الفكر والعقلانية والموضوعية، اصدار الاحكام المنحاز والتلاعب بمعايير التعميم والتخصيص وانفصام القول والفعل.
تغليب المصالح على القيم وطغيانها على المبادئ، ارتفاع صوت التعصب وبروز الصور الذهنية المشوهة والأفكار النمطية المتحجرة والمضللة للحقائق.
طغيان السمات الشخصية المشحونة بعواطف الحقد والكراهية والانتقام والأنانية والرنجسية والعدوانية.
خفوت وانهيار القيم والمبادئ والتشدق بها والانسياق خلف النعرات الطائفية والمذهبية والسياسية.
تبلد المشاعر والعواطف وسقوط القيم والاخلاق وانحنائها أمام شهوة النصر الزائف باستخدام وسائل مدمرة وغياب المشروعية أمام القوة وفرض أمر واقع.
استخدام الارهاب مطية رخيصة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية غير مشروعة، أي استخدام الإرهاب وممارسة الإرهاب والعنف والعدوان بمبرر مكافحة الإرهاب…
غياب المعايير والمفاهيم والمصطلحات المضبوطة والمحددة بدقة للإرهاب والسلوك المصنف جرائم إرهابية فتح الباب على مصراعيه للاجتهاد و التأويل والتصنيف بحسب الهوى الميول والاتجاهات والميولات والمصالح والمنافع.
دفع الصراع السياسي جماعات وأنظمة ودول
اختراق تنظيمات وجماعات إرهابية او استنساخ وتشكيل تنظيمات وإدارتها واستخدامها مبررا وشرعنة لتحقيق أجندة سياسية واقتصادية غير مشروعة، او ذريعة تصنيف وتدمير توجهات وحرمان جماعات وتنظيمات وانظمة من حقوقها المشروعة.
تصفية قضايا حقوقية مشروعة ومعترف بها وانتهاك الحقوق والحريات تحت مبرار من هذا القبيل.